يستحق البطريرك اليوناني ثيوفيلوس الثالث أكثر مما وصفه الشعب الفلسطيني بالخيانة والجاسوسية وبيع وتسريب أملاك الكنيسة الأرثوذكسية للإسرائيليين، واعتراض موكبه أثناء وصوله لكنيسة المهد في بيت لحم لإقامة قداس عيد الفصح المجيد للطوائف الأرثوذكسية وفق التقويم الشرقي، ومقاطعة رؤساء بلديات فلسطينية حضور استقباله مطالبين بعزله ومحاكمته، في إجماع وطني وشعبي وديني على رفض ومقاطعة زيارة البطريرك الفاسد.
تغيير قانون يوننة الكنيسة الأرثوذكسية نحو تعريبها من أهلها الوطنيين الغيورين وعزل البطريرك اليوناني ومحاكمته واستبداله بشخصية مسيحية وطنية تحفظ الوقف الكنسي من تسريب عقارات الكنيسة وصون أملاكها الوقفية من السرقة والنهب والبيع الحرام والدفاع عن المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية في مواجهة التهويد، باعتبارها ضرورة وطنية ملحة واستجابة لمطالب الحراك الشعبي بالمؤسسات والجمعيات والفعاليات العربية الأرثوذكسية المقدسية، لوقف هذه المسرحية الهزلية التي ترتكب في وضح النهار.
تحدثت في مقال سابق في تاريخ 4 أغسطس آب 2017، بعنوان "تعريب الكنيسة الأرثوذكسية ضرورة وطنية لمواجهة تهويد القدس"، عن قضية السمسرة التي تقودها البطريركية اليونانية الأرثوذكسية في فلسطين التي تعود فصولها لعام 2004، وكُشف عنها في عام 2005 وأدت إلى إقالة البطريرك السابق ايرينوس، طفت على السطح بعد مصادقة المحكمة المركزية الإسرائيلية على تملك ثلاثة شركات مرتبطة بالجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهانيم" حقوقاً قانونية لثلاثة عقارات كبيرة تقع قرب باب الخليل في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
تلك الحقوق تتعلق باستئجار المستوطنين للعقارات الثلاثة – التي تدير اثنين منهما عائلة الدجاني ولم تعلم بالصفقة السرية وهما فندق البتراء مكون من أربعة طوابق ويقع قرب باب الخليل، وفندق امبريال هو مبنى كبير مكون من طابقين ويقع قرب المبنى الثالث وهو بيت المُعظمية بالقرب من باب حُطة المؤدي للمسجد الأقصى الذي هو مبنى سكني تعيش فيه عائلة فلسطينية في الحي الإسلامي- لمدة 99 عاما مع إمكانية تمديد العقد لـ99 عاما أخرى بموجب اتفاقية بين الشركات الثلاثة التي تمثل المستوطنين والبطريركية اليونانية الأرثوذكسية في القدس.
تسريب وتأجير العقارات من البطريركية اليونانية يسير على قدم وساق مع الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونية الإدارة الأمريكية نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، ومع مشاريع تهويد المدينة المقدسة التي تقوننها إسرائيل سواء بمصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون القدس الموحدة أو تصويت حزب الليكود ضم مستوطنات الضفة الغربية والأغوار إلى إسرائيل، وإحداث تغيير ديمغرافي بنقل مخيم شعفاط وكفر عقب وعناتا إلى خارج حدود بلدية القدس في سلطات محلية مستقلة، لكن أخطر ما يحدث الآن بعد معركة الأقصى هو بيع الكنيسة لعقار في المُعظمية عند باب حُطة، علماً أن ما يسرب أخبار صفقات البيع والتأجير هي إسرائيل لتقول للفلسطينيين والمسلمين: سنكون مسؤولين عن هذا الباب، وأن الفلسطيني يبيع أملاكه لصالح الاستيطان.
الصفقة الجديدة بدت في الظهور بالقدس من مسلسل صفقات بيع الأراضي الكنسية تتعلق بتأجير رأس الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية ثيوفيلوس الثالث نحو 500 دونم لشركة "يانوت قومميوت" من الأراضي التابعة لها في حي الطالبية بمدينة القدس المعروفة بصفقة "رحابيا" لعقود طويلة الأجل لمدة 99 عاما. هذه الصفقة لم تكن الأخيرة فقد كشف النقاب مؤخراً عن صفقة بـ32 مليون دولار، على أراضي حي الطالبية الراقي المحاذية لأرض "حديقة الجرس" حيث مقري إقامة رئيس دولة الاحتلال ورئيس وزرائه ومقر الكنيست الإسرائيلي، والمقام على هذه الأرض 1500 عقار إضافة إلى قطع أراضي كثيرة غير مستغلة يتم استئجارها بعقود تنتهي عام 2052، وتشمل كذلك الأراضي المحيطة بدير المصلبة "دير الكرج".
تضاف لتلك الصفقة استكمال البطريركية اليونانية الأرثوذكسية بيع حقوق ملكيتها على الأرض التي تتواجد عليها منطقة دوار الساعة في مدينة يافا والتي تعود للعام 2013، وصفقة "قيسارية" وبيع عقار في شارع الملك داوود بالقرب من فندق الملك داوود بغرب القدس مساحته دونم ونصف في عام 2012.
لم تكتف الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية بذلك، بل تضيق الخناق وتحاصر كل من يدعو لتغيير قوننة يونانية الكنيسة نحو تعريبها، إضافة لبروز توتر علني بين أقطاب معادلة الأراضي والأملاك في مدينة القدس مع الإعلان عن صفقة تتعلق بتأجير قطعة أرض تابعة للبطريركية اليونانية الأرثوذكسية على الطريق الواصل بين القدس وبيت لحم (منطقة بيت صفافا بمار الياس) سيتم تحويلها من أراضي خضراء لمناطق تقام عليها مشاريع سكنية.
إن تلك الصفقات والتنازلات المجانية من قبل رأس الطائفة الأرثوذكسية اليوناني الأصل، تؤكد أن البطاركة اليونان رغم العلاقات التي تربط الشعبين والقيادتين الفلسطينية واليونانية، غير مؤهلين للدفاع عن المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية وحماية أملاك الطائفة نفسها. رغم أن قوانين الكنيسة الأرثوذكسية تمنع بيع أو تسريب أو تأجير الأراضي باعتبارها أراضي وقف ديني، ما خلق خلاف بين الرعية العربية الأرثوذكسية والبطريركية اليونانية الخاضعة للضغوط الإسرائيلية.
التاريخ يشهد أن شعبنا الفلسطيني الذي يواصل «انتفاضة القدس والحرية» سينتصر كما انتصر في معركة الدفاع عن بوابات القدس والأقصى، ولن يمر مرور الكرام على الصفقات والتنازلات المجانية، وسيقف سداً منيعاً في وجه تلك الصفقات المشبوهة التي تقودها البطريركية اليونانية بحق الأراضي الفلسطينية التي تعتبر أراضي وقف ديني يمنع التصرف بها وبيعها لصالح مشاريع التهويد الإسرائيلية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق